العلاقة مع اهل شريكك في الزواج من اهم العلاقات ، لأنها تمتاز بصفة الديمومة فستظل تلك العلاقة مستمرة باستمرار الزواج وتزداد تلك العلاقة رسوخا وعمقا في حال وجود الابناء.

في وعينا العربي زرعت صورة نمطية عززها الاعلام لصراع كلاسيكي استمر لأجيال بين الام والزوجة واحيانا الاخوات والزوجة، يوضع فيه الزوج في موقف لايحسد عليه بين الوفاء وتلبية الاحتياجات العاطفية لتلك المرأة التي حملته في احشائها وبين حق زوجته في الاستقلال وادارة حياتها الزوجية بالطريقة التي تناسبها ، ويحتدم على الجانب الاخر صراع بين الزوج و ام الزوجة المتنفذة في حياة ابنتها و كلما زادت الامهات تسلطا زادت الاوضاع بين الزوجين تأزما، تحولت هذه الصور المتطرفة لعلاقة الزوجين بالاهل لبرمجات عقلية لدى الازواج الذين اصبحوا يدخلون لعش الزوجية متحفزين ومستعدين نفسيا للخوض في غمار تلك المعارك المتوقعة ، في حين ان الكثير من الاهل يمتازون بشخصيات متزنة وناضجة عقليا وعاطفيا ويقدمون لأبناءهم حب نقي ومتوازن يساعدهم في انشاء علاقات اسرية متينه وناجحة.

الفهم العميق للأسباب النفسية التي تدفع الاهل للتدخل في حياة الابناء يساعدنا على ايجاد حلول مناسبة لادارة الحياة وتجنب الصراع.

يجب ان ندرك ان من الصعب على الاهل الاعتراف باستقلال الابناء ببلوغهم سن الرشد او حتى دخولهم عش الزوجية ، لذلك يرغب الاهل في الاستمرار بتخطيط وادارة حياة الابناء كحيلة نفسية دفاعية تثبت انهم لايزالون فاعلين و مؤثرين على ابناءهم ويقامون بها الم الانفصال.

الاسرة العربية تقوم على نظام الاسرة الكبيرة والممتدة في الغالب لايعني زواج الابناء انفصالهم عن اسرهم الكبيرة بل يظلون مطالبين بالدعم المعنوي والمادي للاسرة ، خوف الاهل من تأثير الشريك على هذه العلاقة يدفعهم للتدخلات احيانا .

اختلاف المفاهيم ووجود فجوات ثقافية بين الابناء والاهل عجزهم عن التعامل مع تغيرات الحياة ، يدفعهم للتدخل نتيجة رفضهم لنمط عيش الابناء الحديث ورغبتهم في استمرار الابناء بنفس طريقة الاهل في التعاطي مع الحياة .

السمات الشخصية للاهل وللابناء تلعب دور كبير في تحديد وجود التدخل من عدمه وطريقة ادارتهم للتدخلات كلما زاد الاهل تسلطا او زادت شخصية الابناء ضعفا تزيد درجة العجز في رسم حدود واضحة للعلاقات.

التجارب الزوجية الفاشلة تدفع الاهل للتدخل في حياة الابناء بدافع الخوف عليهم من خوض تجارب زوجية مؤلمة تشابه تجاربهم ونتيجة صور ذهنية مختلة عن الجنس الاخر انتجتها التجربة يندفع الاهل في تدخلات عنيفة ولها نتائج كارثية على الحياة الزوجية للابناء.

في حال كانت التدخلات تأخذ طابع النصح والتوجية وتطرح بنية طيبة فغالب الاهل يبحثون عن رفاهية وسعادة ابنائهم يمكن ان نتعامل معها بسعة صدر وتقبل ثم نخضعها للمقياسنا الشخصي لنحدد العمل بها من عدمه .

اما اذا كانت التدخلات عنيفة وتؤثر على اصل العلاقة الزوجية او تربية الابناء تأثير مباشر او تفرض انماط غير مريحة للحياة يجب التعامل معها بجدية اكبر ، حتى لانتخلى عن حقنا في اختيار شكل الحياة التي نريد او نجد انفسنا امام خيارات صعبة بين العلاقة مع الاهل والشريك .

افضل الحلول تتمثل في ان تناقش شريكك بصراحة وتوضح له اعتراضاتك ثم تترك له مهمه صياغة الحدود في العلاقة لتجنب نفسك الاحراج والحساسية بالاضافة الى انه هو الاقرب لأهله والاكثر فهما لتركيبهم النفسي ومنهجهم في التعاملات .

في حال عجز الشريك عن ايقاف تلك التدخلات يجب عليك ان تقوم بهذه المهمة بنفسك من خلال فهمك العميق للدوافع تسطيع تسكين المخاوف و الالتفاف على التدخل بطلب المشورة بشكل استباقي احيانا او التأكيد على شخصيتك التي تفضل الخصوصية اوقات اخرى او امتداح احترامهم لخصوصياتك في محافل عامة ، كل شخص يستطيع استخدام ذكاءه لابتكار بعض الحيل المباحة للحفاظ على استقرار حياته مستصحبا اللباقة في الحديث واحترام الكبير والتركيز على مفاهيم الحب والمودة والاسرة الواحدة ومراعيا لخصوصية علاقتك بأهل شريكك التي تمثل امتدادا طبيعيا لعلاقة بالشريك .
مع الحرص على استخدام مسطرة اخلاقية واحدة للقياس فمن غير المنطقي ان ترفض تدخل اهل شريكك لادارة حياتك وتفرض عليه تدخلات من جانب اسرتك.